"واشنطن بوست": انخفاض جرائم القتل في بالتيمور يكشف فعالية النهج الحقوقي في مكافحة العنف

"واشنطن بوست": انخفاض جرائم القتل في بالتيمور يكشف فعالية النهج الحقوقي في مكافحة العنف
مدينة بالتيمور الأمريكية

أطلق عمدة مدينة بالتيمور، براندون سكوت (ديمقراطي)، بعد توليه ولايته الأولى عام 2021، خطة شاملة للتصدي لعنف السلاح، اعتمد فيها على تحويل معالجة الجريمة من زاوية أمنية بحتة إلى نهج صحي مجتمعي.

ووفقاً لتقرير نشرته صحيفة "واشنطن بوست"، اليوم السبت، ركّزت الخطة على التعامل مع عنف السلاح باعتباره تهديدًا للصحة العامة، وربطت مصادر العنف بعوامل مجتمعية أعمق، مثل الصدمات النفسية والتهميش الاجتماعي.

استثمر سكوت في المنظمات المحلية ومبادرات الدعم المجتمعي، مع تحديد هدف واضح: تقليص حوادث إطلاق النار بنسبة 15% سنويًا خلال خمس سنوات، ونفّذ الخطة من خلال تعبئة موارد المدينة، بما في ذلك 40 موظفًا من مكتب سلامة الأحياء والمشاركة، إلى جانب برنامج "الشوارع الآمنة" الذي يدير شبكة من مقاطعي العنف.

شارك في التنفيذ أيضًا عناصر من شرطة بالتيمور، ومكاتب الادعاء المحلي والفيدرالي، مع التنسيق عبر مستويات عدة من الحكومة.

أكد سكوت أن أبناء المجتمع المحلي شكلوا الحلقة الأهم في هذا المسار، قائلاً: "لا يمكن لأي خطة أن تنجح دون شراكة السكان أنفسهم".

تراجع حاد في معدلات القتل

سجّلت المدينة، بحلول 1 يوليو 2024، مقتل 68 شخصًا فقط، في أدنى حصيلة للنصف الأول من العام منذ أكثر من 50 عامًا، مثّل هذا الرقم انخفاضًا بنسبة 23% مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، كما تراجعت حوادث إطلاق النار غير المميتة بنسبة 20%، لتُواصل المدينة خطًّا تنازليًا في معدلات العنف بدأ منذ عامين.

أشارت بيانات مدينة بالتيمور إلى أن عام 2023 شهد انخفاضًا بنسبة 24% في جرائم القتل مقارنة بعام 2022، ثم انخفضت بنسبة 23% إضافية في عام 2024، وفيما يتعلق بإطلاق النار غير المميت، هبط عدد الحوادث من 726 في 2021 إلى 412 في 2024، كما انخفضت سرقات السيارات بنسبة 15%، والسرقات بنسبة 22%، وسرقة المركبات بنسبة 34%.

أعاد سكوت التأكيد على أن الاستراتيجية لا تعتمد على "كثافة الاعتقالات"، بل على "استهداف المتورطين تحديدًا في العنف المسلح الجماعي"، وفق بيانات تُظهر أن الفئة الأكثر عرضة للعنف تنحصر غالبًا في شريحة ضيقة من السكان.

تنافس قادة المدينة والولاية على نسب الفضل في هذا الانخفاض، وسط احتفاء واسع بالأرقام الإيجابية، سلّط مكتب الحاكم ويس مور (ديمقراطي) الضوء على مساهمة حكومة الولاية من خلال ضخ 50 مليون دولار في شرطة بالتيمور، إلى جانب 10.8 مليون دولار دعماً لمكتب المدعي العام للمدينة منذ 2023.

ركّزت إدارة مور على إصلاح نظام قضاء الأحداث، وتحديث التشريعات المتعلقة بالأسلحة، وإنشاء لجان مشتركة تُعنى بأفضل الممارسات في مكافحة الجريمة، مع نهج يراعي العدالة التصالحية.

قال مور في بيان رسمي: "النهج الشامل للأمن المجتمعي يُظهر نتائج واضحة في أنحاء الولاية"، وأضاف: "التعاون مع الشركاء يضع ماريلاند في طليعة الولايات التي تسجّل تراجعًا في معدلات الجريمة".

من جانبه، أشاد المدعي العام لولاية مدينة بالتيمور، إيفان بيتس، بتغيير النهج داخل مكتبه منذ فوزه على المدعية السابقة مارلين موسبي في انتخابات 2022، وقال إن مكتبه ركّز على النتائج بدلاً عن الشعارات، وأعاد الانخراط مع جهاز الشرطة، من خلال تجاوز السياسات السابقة التي منعت الملاحقات القضائية في بعض القضايا.

وصرّح بأن هذا التحوّل ساعد الضباط على العودة إلى أداء دورهم الأمني والاستباقي، ليس فقط كمُنفّذي قانون، بل كمشاركين فعليين في حماية المجتمعات من الجريمة.

دور المجتمع المدني

انتقدت كبيرة المدافعين العامين في الولاية، ناتاشا دارتيغ، ما وصفته بـ"سباق نسب الفضل" بين السياسيين، وعدّت الإنجاز راجعاً إلى المجتمع المدني، لا إلى خطاب "الصرامة في التعامل مع الجريمة".

أشارت دارتيغ إلى أن البحوث تؤكد فشل النهج العقابي القائم على السجن الواسع في تحسين السلامة العامة، وأن البدائل المجتمعية تُحقق نتائج ملموسة.

كتبت في صحيفة "بالتيمور صن": "بعد سنوات من الاستثمار في العاملين الميدانيين ومنظمات الوقاية، بدأت المدينة تجني ثمار التغيير".

وأثنت على منظمات مثل مركز بالتيمور للوساطة، و"روكا"، و"نحن لنا"، التي تعمل مع الفئات الشابة، خصوصًا من تراوح أعمارهم بين 16 و24 عامًا.

تهديد الموازنات السياسية

شدّد سكوت على أن الشراكات مع مكتب المدعي العام الأمريكي وهيئات إنفاذ القانون الفيدرالية كانت حاسمة في تنفيذ استراتيجية السلامة، أوضح أن هذه الجهات وفّرت موارد وخبرات للتحقيقات الكبرى التي أسقطت جماعات عنف منظمة في المدينة.

وأبدى قلقه من التهديدات التي تطول التمويل الفيدرالي لبرامج الوقاية، بسبب التخفيضات المقترحة في ميزانية إدارة ترامب، معبّرًا عن أمله في أن "لا تتدخل السياسة في قضية السلامة العامة".

اختتم العمدة تصريحه بتأكيد أن "الأرقام تثبت ما يجدي نفعًا"، وأضاف: "لن نعود إلى سياسات القبض العشوائي، خصوصًا ضد أبناء المجتمع من ذوي البشرة السوداء".
 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية